للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالك- رحمه الله- ولاية الفاسق في النكاح «١»، ومتى أبيح للزاني نكاح المشركة الوثنية حتى لا يرغب إلّا فيها؟ ومتى رأينا الزناة يطلبون المشركات لنكاحهن كتابيات أو غير كتابيات؟.

ثم أن نكاح المشركات ليس فيه «٢» شيء مما ذكر، ولو كان فيه ذلك لما أباح الله عزّ وجلّ نكاح الكتابيات وأحلّه للمؤمنين، فكيف تكون مخالطتهن والكون معهن محرّما على المسلمين؟ فإن قيل: فما بقي للآية معنى تحمل عليه؟.

قلت: معناها: تنفيرهم عن الزنا وتقبيحه في نفوسهم، لأنه عزّ وجلّ ذكر في الآية التي قبلها حد الزنا، ونهى عن الرأفة بمن زنا، وذكر أنها لا تجامع الإيمان، ثم قال في هذه الآية:- كالمؤكد لذلك- إذا كان الزاني المشهور بالزنا غير مرضي لنكاح من ولّيتم أمره، بل هو مردود عن ذلك مصدود استنكافا له فلا ينكح إلّا زانية مثله، والزانية لا تجد ناكحا- لهجنتها- إلّا زانيا أو مشركا- إن كانت مشركة، فإذا كانت هذه حال الزنا عندكم، فكيف ترضونه لأنفسكم؟ فقد حرّمه الله عليكم لما فيه (من) «٣» رفع أقداركم «٤»، وصرف السوء والفحشاء عنكم.

والزاني في قوله عزّ وجلّ الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ (أو مشرك) «٥»: عام في كل زان مسلم أو مشرك «٦» وفي كل زانية، فهذا الجنس لا ينكح إلّا زانية إن كان مسلما أو مشركة إن كان مشركا، ونزّه الله المؤمنين «٧» من ذلك فحرّمه عليهم، والآية محكمة، والله أعلم «٨».


(١) انظر: منح الجليل شرح على مختصر سيدي خليل ٣/ ٢٨٩، وراجع فقه السنة للسيد سابق:
٢/ ١١١.
(٢) في د: فنه. وفي ظ: منه.
(٣) (من) ساقط من الأصل.
(٤) في ظ: أنذاركم.
(٥) قوله: أَوْ مُشْرِكٌ: سقط من الأصل وظق. ووضع الناسخ إشارة في (ت) لإضافتها في الحاشية لكنها لم تظهر.
(٦) في ظ: عام في كل زان أو مشرك عام في كل زان مسلم.
(٧) في د وظ: في ذلك.
(٨) قلت: صدر ابن كثير تفسيره للآية بما يؤيد إحكامها، حيث قال: بعد إيراد الآية-: هذا خبر من الله عزّ وجلّ بأن الزاني لا يطأ إلا زانية أو مشركة، أي لا يطاوعه على مراده من الزنا إلا زانية عاصية أو مشركة لا ترى حرمة ذلك، وكذلك الزانية لا ينكحها إلا زان أي عاص بزناه أو مشرك لا يعتقد

<<  <  ج: ص:  >  >>