للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس كذلك.

قال النخعي: (كانوا يكرهون أن يذلّوا أنفسهم، فتجترئ عليهم الفساق) «١».

وهذا تأويل حسن به يظهر معنى الآية، لأن من كان بهذه المثابة استحق أن يثنى عليه، فلذلك أثنى الله عزّ وجلّ عليهم.

وقال السدي: (هو في كل باغ أباح الله عزّ وجلّ الانتصار منه) «٢».

٧ - وقالوا في قوله عزّ وجلّ وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها «٣»: نسخ بقوله عزّ وجلّ فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ «٤».

وهذا غير صحيح، لأن الله عزّ وجلّ حد لمن جازى من أساء أن لا يتجاوز المماثلة، ولم يحتّم عليه أن يجازي المسيء، ولا أوجب ذلك عليه، ثم ندب إلى العفو بقوله سبحانه فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ فأي نسخ في هذا «٥»؟.

٨ - وكذلك قالوا في قوله عزّ وجلّ وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ* إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ .. «٦» الآية.


قال: والقول الثاني أنها محكمة، لأن الصبر والغفران فضيلة والانتصار مباح، فعلى هذا تكون محكمة، وهو الصحيح اه نواسخ القرآن ص ٤٥٢.
(١) عزاه السيوطي بنحوه إلى سعيد بن منصور. وعبد بن حميد ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم كلهم عن إبراهيم النخعي.
الدر المنثور: ٧/ ٣٥٧.
ولم أجده في تفسير الطبري في مظانه، فالله أعلم.
وقد أورده الكيا الهراسي الشافعي في أحكام القرآن ٢/ ٣٦٦، وكذلك ابن العربي ٤/ ١٦٦٩، وراجع الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١٦/ ٣٩.
(٢) رواه ابن جرير بسنده عن السدي قال: وهو أولى بالصواب .. جامع البيان ٢٥/ ٣٧.
(٣) الشورى (٤٠).
(٤) جزء من الآية نفسها.
(٥) قال ابن الجوزي: زعم بعض من لا فهم له أن هذا الكلام منسوخ بقوله: فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وليس بقول من يفهم الناسخ والمنسوخ، لأن معنى الآية: أن من جازى مسيئا، فليجازه بمثل إساءته، ومن عفا فهو أفضل اه. نواسخ القرآن ص ٤٥٣.
وراجع تفسير الطبري: ٢٥/ ٣٨، والناسخ والمنسوخ للنحاس ص ٢٥٥.
(٦) الشورى (٤١، ٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>