للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فالظاهر أن الآية محكمة، نزلت في أمور الدنيا «١» اه.

وأقول مستعينا بالله عزّ وجلّ: إن الآية محكمة على كل حال «٢».

قول مكّي: إن نسخها إنما يجوز على قول من قال: (ما يفعل بي ولا بكم) في الآخرة دون الدنيا لأن الله قد أعلمه أنه مغفور له في الآخرة «٣» فليس بمنسوخة، وإن كان الله عزّ وجلّ قد أعلمه بذلك، لأن المعنى: إني لا أعلم من الأمور شيئا إلّا ما أعلمني به الله عزّ وجلّ يدلّ «٤» على ذلك قوله عزّ وجلّ: إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ «٥» وليس لي من علم الغيب شيء، لأنهم كانوا يسألونه عن المغيبات، فأمر بأن يقول ما أنا ببدع من الرسل، خارج عما كانوا عليه، إذ كانوا (إنّما) «٦» يفوهون بما يوحى إليهم، ولا يخبرون بغير ذلك، قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ، فإعلامه بعد ذلك بما يكون منه في الآخرة، لا يكون ناسخا لهذا.

وأما قول هبة الله: فقال المشركون، وقال المؤمنون: فما يكون منا؟ فأنزل الله عزّ وجلّ كذا وكذا، إلى آخر ما ذكره (فكلامهم) «٧» غير مستقيم.

أما ما ذكره عن المؤمنين وما أنزل فيهم (على) «٨» قوله عزّ وجلّ: وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ


(١) انظر نص كلام مكي في الإيضاح (ص ٤١١، ٤١٢) ونحوه في الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص ٢٥٧) وتفسير الطبري (٢٦/ ٨) وقد رجح هذا القول وصححه كل من الإمام الطبري والنحاس في المصدرين السابقين. وابن الجوزي في نواسخ القرآن (ص ٤٦٤) وابن كثير في تفسيره (٤/ ١٥٥) والقرطبي كذلك (١٦/ ١٨٦).
(٢) وهذا هو الصحيح- إن شاء الله- كما سبق.
فقد أعلم الله نبيه صلّى الله عليه وسلّم بأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ولا يصح أن يتطرق الشك في هذا، لأن الله تعالى أعلمه في كتابه العزيز أن أولياءه في أمن واطمئنان لا يصيبهم الخوف والحزن كما يصيب غيرهم، قال تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ... الآيات (٦٢ - ٦٤) من سورة يونس.
وهو صلّى الله عليه وسلّم أرفع درجة من الأولياء بل وسيد الأنبياء عليهم السلام، راجع كلام الأستاذ سامي عطا حسن في تحقيقه لكتاب قلائد المرجان للكرمي (ص ١٩٠).
(٣) إلى هنا ينتهي كلام مكي ويبدأ رد المصنف ومناقشته له.
(٤) في ظ: ويدل على ذلك.
(٥) سبق قريبا عزوها، وسيذكر المصنف قريبا أيضا نص الآية من أولها.
(٦) في بقية النسخ: إذا كانوا إنما يفوهون ... الخ.
(٧) هكذا في الأصل: (فكلامهم) وفي بقية النسخ: فكلام، وهو الصواب.
(٨) هكذا في الأصل: (على) خطأ، وفي بقية النسخ (من)، وهو الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>