للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يكون ناسخا لهذه الآية، لأن قوله عزّ وجلّ: قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ ...

الآية، إنّما هو خطاب للمشركين، فكيف ينسخه وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ وكذلك «١» قوله في المنافقين.

وأما ما ذكره عن المشركين في قوله عزّ وجلّ: وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ فليس بناسخ لهذه الآية، لأن الإعلام وقع بتعذيب المشركين والمشركات، ولم يقع بتعذيب المخاطبين، ولا أعلم بما يفعل بهم، ولقد آمن منهم جمع كبير وعدد كثير، فليس في الإعلام بتعذيب الكافرين والمنافقين وفوز المؤمنين ونعيمهم في الآخرة، نسخ لقوله سبحانه وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ لأن ذلك «٢» إعلام بعاقبة الفريقين من المؤمنين وغيرهم، وهذا خطاب لقوم لا يدرى من أي الفريقين هم في الآخرة.

والآية الثانية: قوله عزّ وجلّ: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ «٣».

قالوا: نسخ بآية السيف «٤» وقد ذكرت أن ذلك غير صحيح، وقدّمت القول فيه «٥».


(١) في د وظ: بدون واو.
(٢) في د وظ: لأن ذاك.
(٣) الأحقاف: (٣٥).
(٤) انظر: الناسخ والمنسوخ لابن حزم (ص ٥٦) وابن سلامة (ص ٢٨٨) وقلائد المرجان (ص ١٩١).
قال ابن الجوزي: زعم بعضهم أنها نسخت بآية السيف، ولا يصح له هذا، إلا أن يكون المعنى: فاصبر عن قتالهم، وسياق الآيات يدل على غير ذلك.
قال بعض المفسرين: كأنه ضجر من قومه، فأحب أن ينزل العذاب بمن أبى منهم، فأمر بالصبر اه نواسخ القرآن (ص ٤٦٥) وانظر النسخ في القرآن (٢/ ٥٢٣).
(٥) راجع الكلام على قوله تعالى: فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ من آخر سورة الروم (ص ٧٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>