للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم، وإنما فعلوا ذلك ويفعلونه تسخيا ومروءة، سواء كانوا ممن يجب عليه الزكاة، أو ممن لا يبلغ ماله ذلك يرون أن عليهم حقا للسائل والمحروم «١» فالسائل: الذي يسأل الناس، والمحروم: الذي لا يسأل الناس، قاله الزهري وعن ابن عباس: المحارف «٢».

وقال ابن الحنفية «٣»: هو الذي لا «٤» يشهد الحرب، فيكون لهم سهم في الغنيمة.

وقال زيد بن أسلم: هو الذي لحقته في زرعه جائحة، فأتلفته.

وقال عكرمة: هو الذي لا ينمى له شيء.

وهذا هو قول ابن عباس بعينه، وفي معناه أيضا قول مالك- رحمه الله- هو الفقير الذي يحرم الرزق.

وعن عمر بن عبد العزيز: المحروم: الكلب. وهو بعيد عن سياق الآية «٥».


(١) ويرى ابن العربي أن المراد بهذه الآية الزكاة حيث يقول: والأقوى في هذه الآية أنه الزكاة لقوله تعالى في سورة (سأل سائل): وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ* لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ الآيتان (٢٤، ٢٥) الحق المعلوم: هو الزكاة التي بيّن الشرع قدرها وجنسها ووقتها، فأما غيرها لمن يقل به فليس بمعلوم، لأنه غير مقدر ولا مجنس ولا مؤقت اه.
أحكام القرآن (٤/ ١٧٣٠).
(٢) المحارف:- بضم الميم وفتح الراء- هو الذي لا يصيب خيرا من وجه توجه إليه.
وقيل: هو المحروم المحدود الذي إذا طلب فلا يرزق، أو يكون لا يسعى في الكسب. اللسان (٩/ ٤٣) (حرف).
(٣) محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو القاسم المعروف بابن الحنفية، أحد الأبطال الأشداء في صدر الإسلام، وهو أخو الحسن والحسين، غير أن أمهما فاطمة الزهراء، وأمه خولة بنت جعفر الحنفية، ينسب إليها تمييزا له عنهما، كان واسع العلم ورعا.
وكان يقول: الحسن والحسين أفضل مني وأنا أعلم منهما، توفي بالمدينة سنة ٨١ هـ. انظر: صفة الصفوة (٢/ ٧٧) والاعلام (٦/ ٢٧٠).
(٤) في د وظ: هو الذي لم يشهد، وهي أفصح.
(٥) ذكر هذه الأقوال معزوة إلى أصحابها النحاس.
قال: وإنما وقع الاختلاف في هذا لأنه صفة أقيم مقام الموصوف، والمحروم: هو الذي قد حرم الرزق واحتاج، فهذه الأقوال كلها داخلة في هذا، غير أنه ليس فيها أجل مما روي عن ابن عباس، ولا أجمع من أنه المحارف اه.
انظر الناسخ والمنسوخ (ص ٢٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>