للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال قتادة: إنه المأسور المشرك.

وقال الحسن: ما كان إسراؤهم إلّا المشركين.

وقال عكرمة: الأسير في ذلك الزمان: المشرك.

وقال مالك: يعني أسرى المشركين.

وقال مجاهد وابن جبير وعطاء: المراد بالأسير: المسجون من المسلمين «١».

وهذا كله من صفات الأبرار، والآية غير منسوخة، وليس قول قتادة: وأخوك المسلم أحق منه مما يوجب تقويله بالنسخ.

قال: والآية الكاملة قوله عزّ وجلّ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ... «٢» الآية، قال:

نسخت بآية السيف اه «٣».


وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً منسوخ من هذه الجملة وَأَسِيراً والمراد بذلك أسير المشركين، فقرئ الكتاب عليه- وابنته تسمع- فلما انتهى إلى هذا الموضع، قالت: أخطأت يا أبت في هذا الكتاب، فقال لها: وكيف يا بنيه؟ قالت: أجمع المسلمون على أن الأسير يطعم ولا يقتل جوعا اه البرهان (٢/ ٢٩).
(١) ذكر الطبري هذه الأقوال بأسانيدها عن قتادة والحسن وعكرمة ومجاهد وعطاء وابن جبير، ثم قال:
والصواب من القول في ذلك أن يقال: أن الله وصف هؤلاء الأبرار بأنهم كانوا في الدنيا يطعمون الأسير ... واسم الأسير قد يشمل الفريقين، وقد عم الخبر عنهم أنهم يطعمونهم، فالخبر على عمومه حتى يخصه ما يجب التسليم له، وأما قول من قال: لم يكن لهم أسير يومئذ إلا أهل الشرك فإن ذلك- وإن كان كذلك- فلم يخصص بالخبر الموفون بالنذر يومئذ، وإنما هو خبر من الله عن كل من كانت هذه صفته يومئذ وبعده إلى يوم القيامة، وكذلك الأسير معنى به أسير المشركين والمسلمين يومئذ وبعد ذلك إلى قيام الساعة اه جامع البيان (٢٩/ ٢٠٩، ٢١٠).
وراجع معالم التنزيل للبغوي (٧/ ١٥٩) وزاد المسير (٨/ ٤٣٣) والجامع لأحكام القرآن (١٩/ ١٢٩) والدر المنثور (٨/ ٣٧١).
(٢) الإنسان: (٢٤).
(٣) الناسخ والمنسوخ لابن سلامة (ص ٣٢١) وحكاه ابن حزم (ص ٦٣) والكرمي (ص ٢٢٠) والفيروزآبادى (١/ ٤٩٣) قال ابن الجوزي: زعم بعضهم أنها منسوخة بآية السيف، وقد تكلمنا عن نظائرها وبينا عدم النسخ اه. نواسخ القرآن (ص ٥٠٣) قلت: وكذلك سبق للمصنف مناقشة الآيات التي تتكلم عن الصبر وتأمر الرسول صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين بتحمل الأذى الذي يلاقونه من المشركين، وفي الوقت نفسه كانوا مطالبين بقتلهم وقتالهم، وقرر- رحمه الله- مرارا أنه لا تعارض بين تلك الآيات وبين آية السيف، والله الموفق للصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>