للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى «١» فغتني: من قولهم غتة في الماء إذا أغطه «٢»، وغته بالأمر: اذا كدّه، ومعنى يتحنث: يتجنب الحنث كالأصنام ونحوها، والحنث: الذنب والاثم ومثل ذلك تأثم إذا تجنب الاثم.

قالت: قال رسول الله «٣» صلّى الله عليه وآله وسلّم: «ثم كان أول ما نزل عليّ من القرآن بعد اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ: ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ* ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ حتى قرأ الى «٤» فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ [القلم: آية ١، ٥]، ويا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ [المدثر:

١، ٢]، وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى «٥» [الضحى: ١، ٢]، والعلماء على أنه انما أنزل «٦» عليه من اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ إلى قوله عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ «٧» ثم نزل باقيها بعد يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ويا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ.

وقال جابر بن عبد الله «٨»: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ أول القرآن نزولا «٩». والأكثر على ما


(١) من هنا إلى قوله: اذا تجنب الاثم. ساقط من «د» و «ظ».
(٢) ومعنى «غطني» - بالغين المعجمة والطاء المهملة-: عصرني وضمني، يقال: غطه وغته وضغطه وعصره وخنقه وغمزه، كله بمعنى واحد.
أنظر: شرح مسلّم للنووي ٢/ ١٩٩، وعمدة القاري ١/ ٥٠، وراجع القاموس المحيط:
٢/ ٣٩٠، ومختار الصحاح: ٤٧٦، والمصباح المنير ٤٤٩.
(٣) في «د» و «ظق»: قال صلّى الله عليه وآله وسلّم.
(٤) (إلى) ليست في «د» و «ظ».
(٥) ذكر حديث عائشة بسنده اليها الطبري في تفسيره ٣٠/ ٢٥١، وكذلك القرطبي نقل هذا القول عن عائشة ٢٠/ ١١٨.
ويقول السيوطي: أخرج ابن الأنباري في المصاحف عن عائشة قالت: كان أول ما نزل عليه بعد اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ن وَالْقَلَمِ، ويا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، والضُّحى أنظر: الدر المنثور ٨/ ٥٦٢.
(٦) في بقية النسخ: انما نزل.
(٧) العلق: ١ - ٥.
وقد جاء تحديد ذلك بخمس آيات في رواية مسلّم ٢/ ٢٠٠، ووقع في صحيح البخاري ١/ ٣، إلى قوله وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، وهو مختصر وفي رواية مسلّم زيادة، وهي من الثقة مقبولة كما يقول الزركشي. أنظر البرهان ١/ ٢٠٦.
قلت: وقد وقع في الرواية الاخرى من صحيح البخاري في كتاب التعبير حتى بلغ ما لَمْ يَعْلَمْ وبهذا تتفق مع رواية مسلم.
(٨) جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الخزرجي الأنصاري، أبو عبد الله صحابي من المكثرين في الرواية عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، غزا تسع عشرة غزوة وكانت له في أواخر أيامه حلقة في المسجد النبوي، يؤخذ عنه العلم، توفي سنة ٧٨ هـ. أنظر: صفة الصفوة ١/ ٦٤٨، والأعلام ٢/ ١٠٤.
(٩) وهو القول الثاني من الأقوال التي قيلت في أول ما نزل وهو مرجوح كما ذكر ذلك جمهور العلماء، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>