للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مستقيم، ولا سيَّما عند تجرُّدها نوعَ تجرُّدٍ عن العلائق والعوائق البدنية (١)؛ فإنَّ قواها تتضاعفُ وتتزايد بحسب ذلك، ولاسيما عند مخالفةِ هواها وحملِها على الأخلاق العالية من العفة والشجاعة والعدل والسخاء، وتجنُّبِها سفسافَ (٢) الأخلاق ورذائلَها وسافلَها؛ فإنَّ تأثيرها في العالم يقوى جدًّا، تأثيرًا يعجز عنه البدنُ وأعراضُه (٣): أن تنظرَ إلى حجرٍ عظيم فتشُقَّه، أو إلى حيوان كبير فتُتلِفَه، أو إلى نعمةٍ فتزيلَها. وهذا أمر قد شاهده الأمم على اختلاف أجناسها وأديانها وهو الذي يُسمَّى (٤) إصابة العين، فيضيفون الأثر إلى العين، وليس لها في الحقيقة، وإنما هو للنفس (٥) المتكيِّفة بكيفية ردِيَّة سُمِّيَّة. وقد يكون بواسطة نظر العين، وقد لا يكون، بل يوصفُ له الشيء من بعيد، فتتكيف عليه نفسُه بتلك الكيفية (٦)، فتُفسِده. وأنت ترى تأثير النفس في الأجسام صفرةً وحمرةً وارتعاشًا بمجرد مقابلتها لها وقوتها (٧). وهذه وأضعافُها آثارٌ خارجةٌ عن تأثير البدن وأعراضِه، فإن البدن [١٤٠ ب] لا يؤثِّر إلا فيما لاقاه وماسَّه تأثيرًا مخصوصًا. ولم تزل الأمم تشهد تأثيرَ الهِمَم الفعَّالة (٨) في العالم، وتستعين بها، وتحذَر أثرها.


(١) «البدنية» ساقط من (ب، ط، ج).
(٢) «سفساف» ساقط من (ب، ط). وفي (ج): «ذمائم»، ولعله اجتهاد من ناسخها.
(٣) في (ب، ط، ج) هنا زيادة: «فليس في قوة البدن وأعراضه». والنص لا يستلزمها.
(٤) (أ، غ، ق): «سمي».
(٥) في (ب، ط، ج) زيادة: الغضبية».
(٦) «بكيفية رديّة ... الكيفية» ساقط من (ب، ط).
(٧) وانظر: زاد المعاد (٤/ ١٦٥ ــ ١٦٦)، ومدارج السالكين (١/ ٥٦).
(٨) (غ، ز): «الفاعلة». وفي (ن، ز) قبلها زيادة «العالية».