للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تحسينها وتنميقها، وجعل ما خفِي منها أحسنَ مما ظهر، وتسلَّم المؤنةَ ممن أمره أن يتسلَّمها (١) منه، وامتثل ما أمره به السفير بينه وبينه في مقدار ما يعمله وصفته وهيئته وشكله ووقته (٢) وسائر شؤونه.

وكان الآخرُ إذا دخل دخل (٣) بأخسِّ بضاعة يجدُها، لم يخلِّصْها من الغش ولا نصحَ فيها، ولا اعتمد في أمرها ما قاله المترجِمُ عن الملك والسفيرُ بينه وبين الصناع والتجار، بل كان يعملها على ما يهواه هو. ومع ذلك فكان [١٦٣ أ] يخون الملك في داره إذ (٤) هو غائب عن عينه، فلا يلوح له طمعٌ إلا خانه، ولا حرمةٌ للملك إلا مدَّ بصره إليها وحرَص على إفسادها، ولا شيء (٥) يُسخِط الملك إلا ارتكبه إذا قدَر عليه.

فمضَيا على ذلك مدَّةً، ثم قيل: إنَّ الملك يبرُز اليوم لمعامليه، حتى يحاسبهم، ويعطيهم حقوقَهم. فوقف الرجلان بين يديه، فعاملَ كلَّ واحد منهما بما يستحقُّه.

فتأمل هذين المثلين، فإنَّ الواقع مطابق لهما. فالرَّاجي على الحقيقة لمَّا صارت الجنةُ نُصْبَ عينيه ورجاءَه وأملَه امتدَّ إليها قلبه، وسعى لها سعيَها ــ فإنَّ الرجاءَ هو: امتدادُ القلب وميلُه ــ وحقَّق رجاءَه كمالُ التأهُّب، وخوفُ


(١) في النسخ المطبوعة: «ويستلم المؤنة ... يستلمها» صحفوها على لغتهم الدارجة.
(٢) في النسخ المطبوعة: «ورقّته»، تصحيف.
(٣) ساقط من الأصل.
(٤) في (أ، ق): «أو»، صوابه ما أثبتنا من (ب). وفي (ج): «إذا هو غاب».
(٥) من (غ، ج) وحاشية (ن)، وفي غيرهما: «شيئًا».