للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السخط، وشِكايةُ المُبتلي إلى غيره. فإن شكا إليه (١) لم يكن ذلك شكوى، بل استعطاف وتملُّق واسترحام له، كقول أيوب: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: ٨٢]، وقول يعقوب: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: ٨٦].

وقول موسى: «اللهم لك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعانُ، وبكَ المستغاث، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك» (٢).

وقول سيد ولد آدم - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم إليك أشكو ضعفَ قوتي وقلةَ حيلتي وهَواني على الناس. أنت ربُّ المستضعفين، وأنت ربِّي. إلى من تكِلُني؟ إلى بعيدٍ يتجهَّمني، أو إلى عدوٍّ ملَّكتَه أمري؟ إن لم يكن بكَ غضبٌ عليَّ فلا أبالي، غيرَ أن عافيتك [١٧٢ أ] أوسَعُ لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له


(١) زاد الناشرون بعده: «سبحانه وتعالى».
(٢) أخرجه البيهقي في الدعوات الكبير (٢٦٤) من طريق عبد الله بن نافع بن يزيد بن أبي نافع، عن عيسى بن يونس السبيعي، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أعلمك الكلمات التي قالهن موسى عليه السلام حين انفلق البحر؟». قلت: بلى، قال: «قل .. » (فذكره). ثم قال: «تفرد به عبد الله بن نافع هذا وليس بالقوي».

قلت: ولكن توبع عليه، فأخرجه الطبراني في الأوسط (٣٤١٨)، والصغير (٣٣٩) من طريق زكريا بن فروخ، عن وكيع، عن الأعمش، به. وزكريا بن فروخ التمار الواسطي لم أجد له ذكرًا في كتب الرجال المتوفرة وبقية رجاله ثقات. ولعلَّ الحافظ المنذري عرفه حينما عزاه للطبراني في الصغير وقال: «إسناده جيِّد». الترغيب والترهيب (٢٧٤٨). (قالمي).