للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن يحِلَّ عليَّ غضبُك، أو ينزل بي سخطُك. لك العُتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك» (١).

فالشكوى إلى الله سبحانه لا تنافي الصبر بوجه (٢)، فإن الله تعالى قال عن أيوب: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: ٤٤] مع إخباره عنه بالشكوى إليه في قوله: {مَسَّنِيَ الضُّرُّ}. وأخبر عن نبيه يعقوب أنه وعد من نفسه بالصبر الجميل ــ والنبيُّ إذا قال وفَى ــ مع قوله: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: ٨٦] ولم يجعل ذلك نقصًا لصبره.


(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (١٤٧٦٤)، وفي الدعاء (١٠٣٦) ومن طريقه الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (٩/ ١٨٠ ــ ١٨١) من حديث عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٦/ ٣٥): «رواه الطبراني وفيه محمد بن إسحاق وهو مدلس، وبقية رجاله ثقات». وابن إسحاق لم يصرح بالتحديث. ورواه عنه زياد البكائي. كما في سيرة ابن هشام (١/ ٤٢٠) ــ قال: «فلمَّا اطمأن رسول الله قال فيما ذُكر لي: «اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ... » الحديث.
وروي عنه من وجه آخر، ذكره ابن كثير في تفسيره (٧/ ٢٩٠) قال: «وذكر محمد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان، عن محمد بن كعب القرظي قصه خروج رسول الله إلى الطائف ودعائه إياهم إلى الله عز وجل وإبائهم عليه، فذكر القصة بطولها، وأورد ذلك الدعاء الحسن ... » فذكر طرفًا منه. ورجاله ثقات لكنه مرسل، محمد بن كعب القرظي من ثقات تابعي أهل المدينة وفقهائهم. فتعدد مخارجه يدل على أن له أصلًا، والله أعلم. (قالمي).
(٢) انظر: عدة الصابرين (٢٤، ٦٣)، ومدارج السالكين (٢/ ١٦١)، وجامع المسائل (٤/ ٧٣).