{قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي} التي لا تنفذ ولا تبيد. {إِذًا لأمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإنْفَاقِ} أي: خشية أن ينفد ما تنفقون منه، مع أنه من المحال أن تنفد خزائن الله، ولكن الإنسان مطبوع على الشح والبخل.
أي: لست أيها الرسول المؤيد بالآيات، أول رسول كذبه الناس، فلقد أرسلنا قبلك موسى ابن عمران الكليم، إلى فرعون وقومه، وآتيناه {تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} كل واحدة منها تكفي لمن قصده اتباع الحق، كالحية، والعصا، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والرجز، وفلق البحر.
فإن شككت في شيء من ذلك {فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ} مع هذه الآيات {إِنِّي لأظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا} .
فـ {قَالَ} له موسى {لَقَدْ عَلِمْتَ} يا فرعون {مَا أَنزلَ هَؤُلاءِ} الآيات {إِلا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ بَصَائِرَ} منه لعباده، فليس قولك هذا بالحقيقة، وإنما قلت ذلك ترويجًا على قومك، واستخفافًا لهم.
{وَإِنِّي لأظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} أي: ممقوتًا، ملقى في العذاب، لك الويل والذم واللعنة.
{فَأَرَادَ} فرعون {أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الأرْضِ} أن: يجليهم ويخرجهم منها. {فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا} وأورثنا بني إسرائيل أرضهم وديارهم.
ولهذا قال:{وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} أي: جميعًا ليجازى كل عامل بعمله.