أي:{وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ} ربهم، بامتثال الأوامر واجتناب النواهي، من كل مؤمن ومؤمنة، {لَحُسْنَ مَآبٍ} أي: لمآبا حسنا، ومرجعا مستحسنا.
ثم فسره وفصله فقال:{جَنَّاتِ عَدْنٍ} أي: جنات إقامة، لا يبغي صاحبها بدلا منها، من كمالها وتمام نعيمها، وليسوا بخارجين منها ولا بمخرجين.
{مُفَتَّحَةً لَهُمُ الأبْوَابُ} أي: مفتحة لأجلهم أبواب منازلها ومساكنها، لا يحتاجون أن يفتحوها هم، بل هم مخدومون، وهذا دليل أيضا على الأمان التام، وأنه ليس في جنات عدن، ما يوجب أن تغلق لأجله أبوابها.
{مُتَّكِئِينَ فِيهَا} على الأرائك المزينات، والمجالس المزخرفات. {يَدْعُونَ فِيهَا} أي: يأمرون خدامهم، أن يأتوا {بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ} من كل ما تشتهيه نفوسهم، وتلذه أعينهم، وهذا يدل على كمال النعيم، وكمال الراحة والطمأنينة، وتمام اللذة.
{وَعِنْدَهُمْ} من أزواجهم، الحور العين {قَاصِرَاتُ} طرفهن على أزواجهن، وطرف أزواجهن عليهن، لجمالهم كلهم، ومحبة كل منهما للآخر، وعدم طموحه لغيره، وأنه لا يبغي بصاحبه بدلا ولا عنه عوضا. {أَتْرَابٌ} أي: على سن واحد، أعدل سن الشباب وأحسنه وألذه.
{إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا} الذي أوردناه على أهل دار النعيم {مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ} أي: انقطاع، بل هو دائم مستقر في جميع الأوقات، متزايد في جميع الآنات.
وليس هذا بعظيم على الرب الكريم، الرءوف الرحيم، البر الجواد، الواسع الغني، الحميد اللطيف الرحمن، الملك الديان، الجليل الجميل المنان، ذي الفضل الباهر، والكرم المتواتر، الذي لا تحصى نعمه، ولا يحاط ببعض بره.