يقول تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ} ⦗٦٨٥⦘ بالبعث والجزاء على الأعمال، {حَقٌّ} أي: لا شك فيه، ولا مرية، ولا تردد، قد دلت على ذلك الأدلة السمعية والبراهين العقلية، فإذا كان وعده حقا، فتهيئوا له، وبادروا أوقاتكم الشريفة بالأعمال الصالحة، ولا يقطعكم عن ذلك قاطع، {فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} بلذاتها وشهواتها ومطالبها النفسية، فتلهيكم عما خلقتم له، {وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} الذي هو {الشَّيْطَانُ} الذي هو عدوكم في الحقيقة {فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} أي: لتكن منكم عداوته على بال، ولا تهملوا محاربته كل وقت، فإنه يراكم وأنتم لا ترونه، وهو دائما لكم بالمرصاد.
{إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} هذا غايته ومقصوده ممن تبعه، أن يهان غاية الإهانة بالعذاب الشديد.
ثم ذكر أن الناس انقسموا بحسب طاعة الشيطان وعدمها إلى قسمين، وذكر جزاء كل منهما، فقال:{الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: جحدوا ما جاءت به الرسل، ودلت عليه الكتب {لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} في نار جهنم، شديد في ذاته ووصفه، وأنهم خالدون فيها أبدا.
{وَالَّذِينَ آمَنُوا} بقلوبهم، بما دعا الله إلى الإيمان به {وَعَمِلُوا} بمقتضى ذلك الإيمان، بجوارحهم، الأعمال {الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} لذنوبهم، يزول بها عنهم الشر والمكروه {وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} يحصل به المطلوب.