أي: إنكم أيها العابدون مع الله آلهة غيره {حَصَبُ جَهَنَّمَ} أي: وقودها وحطبها {أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} وأصنامكم.
والحكمة في دخول الأصنام النار، وهي جماد، لا تعقل، وليس عليها ذنب، بيان كذب من اتخذها آلهة، وليزداد عذابهم، فلهذا قال:{لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا} وهذا كقوله تعالى: {لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ} وكل من العابدين والمعبودين فيها، خالدون، لا يخرجون منها، ولا ينتقلون عنها.
{لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ} من شدة العذاب {وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ} صم بكم عمي، أولا يسمعون من الأصوات غير صوتها، لشدة غليانها، واشتداد زفيرها وتغيظها.
ودخول آلهة المشركين النار، إنما هو الأصنام، أو من عبد، وهو راض بعبادته.
وأما المسيح، وعزير، والملائكة ونحوهم، ممن عبد من الأولياء، فإنهم لا يعذبون فيها، ويدخلون في قوله:{إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} أي: سبقت لهم سابقة السعادة في علم الله، وفي اللوح المحفوظ وفي تيسيرهم في الدنيا لليسرى والأعمال الصالحة.
{أُولَئِكَ عَنْهَا} أي: عن النار {مُبْعَدُونَ} فلا يدخلونها، ولا يكونون قريبا منها، بل يبعدون عنها، غاية البعد، حتى لا يسمعوا حسيسها، ولا يروا شخصها.