لما ذكر ما فعله تعالى بالمكذبين لرسله وكيف جازاهم وعجل لهم العقوبة في الدنيا وأن الله نجى الرسل وأتباعهم كان هذا مقدمة لذكر الجزاء الأخروي وتوفية الأعمال كاملة يوم القيامة. فذكر الأمور الهائلة التي تقع أمام القيامة وأن أول ذلك أنه ينفخ إسرافيل {فِي الصُّورِ} إذا تكاملت الأجساد نابتة. {نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} فتخرج الأرواح فتدخل كل روح في جسدها فإذا الناس قيام لرب العالمين.
{وَحُمِلَتِ الأرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً} أي: فتتت الجبال واضمحلت وخلطت بالأرض ونسفت على الأرض فكان الجميع قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا. هذا ما يصنع بالأرض وما عليها.
وأما ما يصنع بالسماء، فإنها تضطرب وتمور وتتشقق ويتغير لونها، وتهي بعد تلك الصلابة والقوة العظيمة، وما ذاك إلا لأمر عظيم أزعجها، وكرب جسيم هائل أوهاها وأضعفها.
{وَالْمَلَكُ} أي: الملائكة الكرام {عَلَى أَرْجَائِهَا} أي: على جوانب السماء وأركانها، خاضعين لربهم، مستكينين لعظمته.
{وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} أملاك في غاية القوة إذا أتى للفصل بين العباد والقضاء بينهم بعدله وقسطه وفضله.
ولهذا قال:{يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ} على الله {لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} لا من أجسامكم وأجسادكم (١) ولا من أعمالكم [وصفاتكم] ، فإن الله تعالى عالم الغيب والشهادة.
ويحشر العباد حفاة عراة غرلا في أرض مستوية، يسمعهم الداعي، وينفذهم البصر، فحينئذ يجازيهم بما عملوا، ولهذا ذكر كيفية الجزاء، فقال: