يخبر تعالى أنه ما خلق السماوات والأرض عبثا، ولا لعبا من غير فائدة، بل خلقها بالحق وللحق، ليستدل بها العباد على أنه الخالق العظيم، المدبر الحكيم، الرحمن الرحيم، الذي له الكمال كله، والحمد كله، والعزة كلها، الصادق في قيله، الصادقة رسله، فيما تخبر عنه، وأن القادر على خلقهما مع سعتهما وعظمهما، قادر على إعادة الأجساد بعد موتها، ليجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته.
{لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا} على الفرض والتقدير المحال {لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا} أي: من عندنا {إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} ولم نطلعكم على ما فيه عبث ولهو، لأن ذلك نقص ومثل سوء، لا نحب أن نريه إياكم، فالسماوات والأرض اللذان بمرأى منكم على الدوام، لا يمكن أن يكون القصد منهما العبث واللهو، كل هذا تنزل مع العقول الصغيرة وإقناعها بجميع الوجوه المقنعة، فسبحان الحليم الرحيم، الحكيم في تنزيله الأشياء منازلها.