لما أراد الله تعالى أن يخرج يوسف من السجن، أرى الله الملك هذه الرؤيا العجيبة، الذي تأويلها يتناول جميع الأمة، ليكون تأويلها على يد يوسف، فيظهر من فضله، ويبين من علمه ما يكون له رفعة في الدارين، ومن التقادير المناسبة أن الملك الذي ترجع إليه أمور الرعية هو الذي رآها، لارتباط مصالحها به.
وذلك أنه رأى رؤيا هالته، فجمع لها علماء قومه وذوي الرأي منهم وقال:{إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ} أي: سبع من البقرات {عِجَافٌ} وهذا من العجب، أن السبع العجاف الهزيلات اللاتي سقطت قوتهن، يأكلن السبع السمان التي كنَّ نهاية في القوة.
{وَ} رأيت {سَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ} يأكلهن سبع سنبلات {يَابِسَاتٍ}{يَا أَيُّهَا الْمَلأ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ} لأن تعبير الجميع واحد، وتأويله شيء واحد. {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} فتحيروا، ولم يعرفوا لها وجها.