{وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ} مرض أو خوف من هلاك ونحوه. {دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ} ونسوا ما كانوا به يشركون في تلك الحال لعلمهم أنه لا يكشف الضر إلا الله.
{ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً} شفاهم من مرضهم وآمنهم من خوفهم، {إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ} ينقضون تلك الإنابة ⦗٦٤٢⦘ التي صدرت منهم ويشركون به من لا دفع عنهم ولا أغنى، ولا أفقر ولا أغنى، وكل هذا كفر بما آتاهم الله ومَنَّ به عليهم حيث أنجاهم، وأنقذهم من الشدة وأزال عنهم المشقة، فهلا قابلوا هذه النعمة الجليلة بالشكر والدوام على الإخلاص له في جميع الأحوال؟.
{أَمْ أَنزلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا} أي: حجة ظاهرة {فَهُوَ} أي: ذلك السلطان، {يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ} ويقول لهم: اثبتوا على شرككم واستمروا على شككم فإن ما أنتم عليه هو الحق وما دعتكم الرسل إليه باطل.
فهل ذلك السلطان موجود عندهم حتى يوجب لهم شدة التمسك بالشرك؟ أم البراهين العقلية والسمعية والكتب السماوية والرسل الكرام وسادات الأنام، قد نهوا أشد النهي عن ذلك وحذروا من سلوك طرقه الموصلة إليه وحكموا بفساد عقل ودين من ارتكبه؟.
فشرك هؤلاء بغير حجة ولا برهان وإنما هو أهواء النفوس، ونزغات الشيطان.