للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{٢٩ - ٣٦} {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ * فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ} .

لما ذكر تعالى جزاء المجرمين وجزاء المؤمنين (١) و [ذكر] ما بينهما من التفاوت العظيم، أخبر أن المجرمين كانوا في الدنيا يسخرون بالمؤمنين، ويستهزئون بهم، ويضحكون منهم، ويتغامزون بهم عند مرورهم عليهم، احتقارا لهم وازدراء، ومع هذا تراهم مطمئنين، لا يخطر الخوف على بالهم، {وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ} صباحًا أو مساء {انْقَلَبُوا فَكِهِينَ} أي: مسرورين مغتبطين (٢) ، وهذا من أعظم (٣) ما يكون من الاغترار، أنهم جمعوا بين غاية الإساءة والأمن (٤) في الدنيا، حتى كأنهم قد جاءهم كتاب من الله وعهد، أنهم من أهل السعادة، وقد حكموا لأنفسهم أنهم أهل الهدى، وأن المؤمنين ضالون، افتراء على الله، وتجرأوا على القول عليه بلا علم.

قال تعالى: {وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} أي: وما أرسلوا وكلاء على المؤمنين ملزمين بحفظ أعمالهم، حتى يحرصوا على رميهم بالضلال، وما هذا منهم إلا تعنت وعناد وتلاعب، ليس له مستند ولا برهان، ولهذا كان جزاؤهم في الآخرة من جنس عملهم، قال تعالى: {فَالْيَوْمَ} أي: يوم القيامة، {الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ} حين يرونهم في غمرات العذاب يتقلبون، وقد ذهب عنهم ما كانوا يفترون، والمؤمنون في غاية الراحة والطمأنينة.


(١) في ب: المحسنين.
(٢) كذا في ب، وفي أ: مغبوطين.
(٣) في ب: وهذا أشد.
(٤) في ب: مع الأمن.

<<  <   >  >>