للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{١٢٠ - ١٢٣} {وَكُلا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ * وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ * وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} .

لما ذكر في هذه السورة من أخبار الأنبياء، ما ذكر، ذكر الحكمة في ذكر ذلك، فقال: {وَكُلا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} أي: قلبك ليطمئن ويثبت ويصبر كما صبر أولو العزم من الرسل، فإن النفوس تأنس بالاقتداء، وتنشط على الأعمال، وتريد المنافسة لغيرها، ويتأيد الحق بذكر شواهده، وكثرة من قام به.

{وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ} السورة {الْحَقُّ} اليقين، فلا شك فيه بوجه من الوجوه، فالعلم بذلك من العلم بالحق الذي هو أكبر فضائل النفوس.

{وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} أي: يتعظون به، فيرتدعون عن الأمور المكروهة، ويتذكرون الأمور المحبوبة لله فيفعلونها.

وأما من ليس من أهل الإيمان، فلا تنفعهم المواعظ، وأنواع التذكير، ولهذا قال: {وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} بعد ما قامت عليهم الآيات، {اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} أي: حالتكم التي أنتم عليها {إِنَّا عَامِلُونَ} على ما كنا عليه.

{وَانْتَظِرُوا} ما يحل بنا {إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} ما يحل بكم.

وقد فصل الله بين الفريقين، وأرى عباده، نصره لعباده المؤمنين، وقمعه لأعداء الله المكذبين.

{وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} أي: ما غاب فيهما من الخفايا، والأمور الغيبية.

{وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأمْرُ كُلُّهُ} من الأعمال والعمال، فيميز الخبيث من الطيب {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} أي: قم بعبادته، وهي جميع ما أمر الله به مما تقدر عليه، وتوكل على الله في ذلك.

{وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} من الخير والشر، بل قد أحاط علمه بذلك، وجرى به قلمه، وسيجري عليه حكمه، وجزاؤه.

تم تفسير سورة هود، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وسلم.

[وكان الفراغ من نسخه في يوم السبت في ٢١ من شهر ربيع الآخر ١٣٤٧] (١) .

المجلد الرابع من تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام الرب المنان لجامعه الفقير إلى الله: عبد الرحمن بن ناصر السعدي غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين آمين.


(١) زيادة من ب.

<<  <   >  >>