كأنه قيل: من هم المؤمنون الذين لهم البشارة من الله بدخول الجنات ونيل الكرامات؟ فقال: هم {التَّائِبُونَ} أي: الملازمون للتوبة في جميع الأوقات عن جميع السيئات.
{الْعَابِدُونَ} أي: المتصفون بالعبودية لله، والاستمرار على طاعته من أداء الواجبات والمستحبات في كل وقت، فبذلك يكون العبد من العابدين.
{الْحَامِدُونَ} لله في السراء والضراء، واليسر والعسر، المعترفون بما لله عليهم من النعم الظاهرة والباطنة، المثنون على الله بذكرها وبذكره في آناء الليل وآناء النهار.
{السَّائِحُونَ} فسرت السياحة بالصيام، أو السياحة في طلب العلم، وفسرت بسياحة القلب في معرفة الله ومحبته، والإنابة إليه على الدوام، والصحيح أن المراد بالسياحة: السفر في القربات، كالحج، والعمرة، والجهاد، وطلب العلم، وصلة الأقارب، ونحو ذلك.
{الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ} أي: المكثرون من الصلاة، المشتملة على الركوع والسجود.
{الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} ويدخل فيه جميع الواجبات والمستحبات.
{وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ} وهي جميع ما نهى الله ورسوله عنه.
{وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ} بتعلمهم حدود ما أنزل الله على رسوله، وما يدخل في الأوامر والنواهي والأحكام، وما لا يدخل، الملازمون لها فعلا وتركا.
{وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} لم يذكر ما يبشرهم به، ليعم جميع ما رتب على الإيمان من ثواب الدنيا والدين والآخرة، فالبشارة متناولة لكل مؤمن.
وأما مقدارها وصفتها فإنها بحسب حال المؤمنين، وإيمانهم، قوة، وضعفا، وعملا بمقتضاه.