يخبر تعالى عن خزي الذين كذبوا عليه، وأن وجوههم يوم القيامة مسودة كأنها الليل البهيم، يعرفهم بذلك أهل الموقف، فالحق أبلج واضح كأنه الصبح، فكما سوَّدوا وجه الحق بالكذب، سود الله وجوههم، جزاء من جنس عملهم.
فلهم سواد الوجوه، ولهم العذاب الشديد في جهنم، ولهذا قال:{أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ} عن الحق، وعن عبادة ربهم، المفترين عليه؟ بلى والله، إن فيها لعقوبة وخزيا وسخطا، يبلغ من المتكبرين كل مبلغ، ويؤخذ الحق منهم بها.
والكذب على الله يشمل الكذب عليه باتخاذ الشريك والولد والصاحبة، والإخبار عنه بما لا يليق بجلاله، أو ادعاء النبوة، أو القول في شرعه بما لم يقله، والإخبار بأنه قاله وشرعه.
ولما ذكر حالة المتكبرين، ذكر حالة المتقين، فقال:{وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ} أي: بنجاتهم، وذلك لأن معهم آلة النجاة، وهي تقوى الله تعالى، التي هي العدة عند كل هول وشدة. {لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ} أي: العذاب الذي يسوؤهم {وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} فنفى عنهم مباشرة العذاب وخوفه، وهذا غاية الأمان.
فلهم الأمن التام، يصحبهم حتى يوصلهم إلى دار السلام، فحينئذ يأمنون من كل سوء ومكروه، وتجري عليهم نضرة النعيم، ويقولون {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ}