{إِنَّ الْمُجْرِمِينَ} الذين أجرموا بكفرهم وتكذيبهم {فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ} أي: منغمرون فيه، محيط بهم العذاب من كل جانب، {خَالِدُونَ} فيه، لا يخرجون منه أبدا
و {لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ} العذاب ساعة، بإزالته، ولا بتهوين عذابه، {وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} أي: آيسون من كل خير، غير راجين للفرج، وذلك أنهم ينادون ربهم فيقولون:{رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ} وهذا العذاب العظيم، بما قدمت أيديهم، وبما ظلموا به أنفسهم. والله لم يظلمهم ولم يعاقبهم بلا ذنب ولا جرم.
{وَنَادَوْا} وهم في النار، لعلهم يحصل لهم استراحة، {يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} أي: ليمتنا فنستريح، فإننا في غم شديد، وعذاب غليظ، لا صبر لنا عليه ولا جلد. فـ {قَالَ} لهم مالك خازن النار -حين طلبوا منه أن يدعو الله لهم أن يقضي عليهم-: {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} أي: مقيمون فيها، لا تخرجون عنها أبدا، فلم يحصل لهم ما قصدوه، بل أجابهم بنقيض قصدهم، وزادهم غما إلى غمهم.
ثم وبخهم بما فعلوا فقال:{لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ} الذي يوجب عليكم أن تتبعوه فلو تبعتموه، لفزتم وسعدتم، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} فلذلك شقيتم شقاوة لا سعادة بعدها.