يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا تعجل عليهم بإصابة ما يوعدون به من العذاب، فهم إن استمروا على طغيانهم وكفرهم فلا بد أن يصيبهم ما وعدوا به، {إمَا نُرِيَنَّكَ} إياه في الدنيا فتقر بذلك عينك، {أو نتوفينك} قبل إصابتهم فليس ذلك شغلا لك {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ} والتبيين للخلق.
{وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} فنحاسب الخلق على ما قاموا به، مما عليهم، وضيعوه، ونثيبهم أو نعاقبهم.
ثم قال متوعدا للمكذبين {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} قيل بإهلاك المكذبين واستئصال الظالمين، وقيل: بفتح بلدان المشركين، ونقصهم في أموالهم وأبدانهم، وقيل غير ذلك من الأقوال.
والظاهر -والله أعلم- أن المراد بذلك أن أراضي هؤلاء المكذبين جعل الله يفتحها ويجتاحها، ويحل القوارع بأطرافها، تنبيها لهم قبل أن يجتاحهم النقص، ويوقع الله بهم من القوارع ما لا يرده أحد، ولهذا قال:{وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} ويدخل في هذا حكمه الشرعي والقدري والجزائي.
فهذه الأحكام التي يحكم الله فيها، توجد في غاية الحكمة والإتقان، لا خلل فيها ولا نقص، بل هي مبنية على القسط والعدل والحمد، فلا يتعقبها أحد ولا سبيل إلى القدح فيها، بخلاف حكم غيره فإنه قد يوافق الصواب وقد لا يوافقه، {وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} أي: فلا يستعجلوا بالعذاب فإن كل ما هو آت، فهو قريب.