يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم:{وَلَقَدْ أَنزلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} تحصل بها الهداية لمن استهدى، وإقامة الحجة على من عاند، وهي في الوضوح والدلالة على الحق، قد بلغت مبلغا عظيما ووصلت إلى حالة لا يمتنع من قبولها إلا من فسق عن أمر الله، وخرج عن طاعة الله، واستكبر غاية التكبر. {١٠٠}{أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} .
وهذا فيه التعجيب (١) من كثرة معاهداتهم، وعدم صبرهم على الوفاء بها.
فـ "كُلَّمَا "تفيد التكرار، فكلما وجد العهد ترتب عليه النقض، ما السبب في ذلك؟ السبب أن أكثرهم لا يؤمنون، فعدم إيمانهم هو الذي أوجب لهم نقض العهود، ولو صدق إيمانهم، لكانوا مثل من قال الله فيهم:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} .