للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{٨٥ - ٩٣} {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} . إلى آخر القصة (١) .

أي: {و} أرسلنا إلى القبيلة المعروفة بمدين {أَخَاهُمْ} في النسب {شُعَيْبًا} يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ويأمرهم بإيفاء المكيال والميزان، وأن لا يبخسوا الناس أشياءهم، وأن لا يعثوا في الأرض مفسدين، بالإكثار من عمل المعاصي، ولهذا قال: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} فإن ترك المعاصي امتثالا لأمر الله وتقربا إليه خير، وأنفع للعبد من ارتكابها الموجب لسخط الجبار، وعذاب النار.

{وَلا تَقْعُدُوا} للناس {بِكُلِّ صِرَاطٍ} أي: طريق من الطرق التي يكثر سلوكها، تحذرون الناس منها و {تُوعِدُونَ} من سلكها {وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} من أراد الاهتداء به {وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا} أي: تبغون سبيل الله تكون معوجة، وتميلونها اتباعا لأهوائكم، وقد كان الواجب عليكم وعلى غيركم الاحترام والتعظيم للسبيل التي نصبها الله لعباده ليسلكوها إلى مرضاته ودار كرامته، ورحمهم بها أعظم رحمة، وتصدون لنصرتها والدعوة إليها والذب عنها، لا أن تكونوا أنتم قطاع طريقها، الصادين الناس عنها، فإن هذا كفر لنعمة الله ومحادة لله، وجعل أقوم الطرق وأعدلها مائلة، وتشنعون على من سلكها.

{وَاذْكُرُوا} نعمة الله عليكم {إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلا فَكَثَّرَكُمْ} أي: نماكم بما أنعم عليكم من الزوجات والنسل، والصحة، وأنه ما ابتلاكم بوباء أو أمراض من الأمراض المقللة لكم، ولا سلط عليكم عدوا يجتاحكم ولا فرقكم في الأرض، بل أنعم عليكم باجتماعكم، وإدرار الأرزاق وكثرة النسل.

{وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} فإنكم لا تجدون في جموعهم إلا الشتات، ولا في ربوعهم إلا الوحشة والانبتات ولم يورثوا ذكرا حسنا، بل أتبعوا في هذه الدنيا لعنة، ويوم القيامة أشد خزيا وفضيحة.

{وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا} وهم الجمهور منهم. {فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} فينصر المحق، ويوقع العقوبة على المبطل.


(١) في ب: أورد الآيات كاملة.

<<  <   >  >>