يمتن الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم بما قصه عليه من أنباء السابقين، وأخبار السالفين، كهذه القصة العظيمة، وما فيها من الأحكام وغيرها، التي لا ينكرها أحد من أهل الكتاب، فأنت لم تدرس أخبار الأولين، ولم تتعلم ممن دراها، فإخبارك بالحق اليقين من أخبارهم، دليل على أنك رسول الله حقا، وما جئت به صدق، ولهذا قال:{وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا} أي: عطية نفيسة، ومنحة جزيلة من عندنا. {ذِكْرًا} وهو هذا القرآن الكريم، ذكر للأخبار السابقة واللاحقة، وذكر يتذكر به ما لله تعالى من الأسماء والصفات الكاملة، ويتذكر به أحكام الأمر والنهي، وأحكام الجزاء، وهذا مما يدل على أن القرآن مشتمل على أحسن ما يكون من الأحكام، التي تشهد العقول والفطر بحسنها وكمالها، ويذكر هذا القرآن ما أودع الله فيها، وإذا كان القرآن ذكرا للرسول ولأمته، فيجب تلقيه بالقبول والتسليم والانقياد والتعظيم، وأن يهتدى بنوره إلى الصراط المستقيم، وأن يقبلوا عليه بالتعلم والتعليم.
وأما مقابلته بالإعراض، أو ما هو أعظم منه من الإنكار، فإنه كفر لهذه النعمة، ومن فعل ذلك، فهو مستحق للعقوبة، ولهذا قال:{مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ} فلم يؤمن به، أو تهاون بأوامره ونواهيه، أو بتعلم معانيه الواجبة {فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا} وهو ذنبه، الذي بسببه أعرض عن القرآن، وأولاه الكفر والهجران، {خَالِدِينَ فِيهِ} أي: ⦗٥١٣⦘ في وزرهم، لأن العذاب هو نفس الأعمال، تنقلب عذابا على أصحابها، بحسب صغرها وكبرها.
{وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلا} أي: بئس الحمل الذي يحملونه، والعذاب الذي يعذبونه يوم القيامة، ثم استطرد، فذكر أحوال يوم القيامة وأهواله فقال: