{قَالَ} الله تعالى {فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ} أي: الحق وصفي، والحق قولي.
{لأمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} فلما بين الرسول للناس الدليل ووضح لهم السبيل قال الله له:
{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ} أي: على دعائي إياكم {مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} أدعي أمرا ليس لي، وأقفو ما ليس لي به علم، لا أتبع إلا ما يوحى إليَّ.
{إِنْ هُوَ} أي: هذا الوحي والقرآن {إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} يتذكرون به كل ما ينفعهم، من مصالح دينهم ودنياهم، فيكون شرفا ورفعة للعاملين به، وإقامة حجة على المعاندين.
فهذه السورة العظيمة، مشتملة على الذكر الحكيم، والنبأ العظيم، وإقامة الحجج والبراهين، على من كذب بالقرآن وعارضه، وكذب من جاء به، والإخبار عن عباد الله المخلصين، وجزاء المتقين والطاغين. فلهذا أقسم في أولها بأنه ذو الذكر، ووصفه في آخرها بأنه ذكر للعالمين.
وأكثر التذكير بها فيما بين ذلك، كقوله:{واذكر عبدنا} - {واذكر عبادنا} - {رحمة من عندنا وذكرى}{هذا ذكر}
اللهم علمنا منه ما جهلنا، وذكرنا منه ما نسينا، نسيان غفلة ونسيان ترك.
{وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ} أي: خبره {بَعْدَ حِينٍ} وذلك حين يقع عليهم العذاب وتتقطع عنهم الأسباب.