يقول تعالى:{أَوَلَمْ يَرَوْا} أي: الشاكون في توحيد ربهم وعظمته وكماله، {إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} أي: إلى جميع مخلوقاته وكيف تتفيأ أظلتها، {عَن الْيَمِينِ} وعن {الشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ} أي: كلها ساجدة لربها خاضعة لعظمته وجلاله، {وَهُمْ دَاخِرُونَ} أي: ذليلون تحت التسخير والتدبير والقهر، ما منهم أحد إلا وناصيته بيد الله وتدبيره عنده.
{وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مِنْ دَابَّةٍ} من الحيوانات الناطقة والصامتة، {وَالْمَلائِكَةُ} الكرام خصهم بعد العموم لفضلهم وشرفهم وكثرة عبادتهم ولهذا قال: {وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} أي: عن عبادته على كثرتهم وعظمة أخلاقهم وقوتهم كما قال تعالى: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ}{يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} لما مدحهم بكثرة الطاعة والخضوع لله، مدحهم بالخوف من الله الذي هو فوقهم بالذات والقهر، وكمال الأوصاف، فهم أذلاء تحت قهره. {وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} أي: مهما أمرهم الله تعالى امتثلوا لأمره، طوعا واختيارا، وسجود المخلوقات لله تعالى قسمان: سجود اضطرار ودلالة على ما له من صفات الكمال، وهذا عام لكل مخلوق من مؤمن وكافر وبر وفاجر وحيوان ناطق وغيره، وسجود اختيار يختص بأوليائه وعباده المؤمنين من الملائكة وغيرهم [من المخلوقات] .