يخبر تعالى عن طوائف أهل الأرض، من الذين أوتوا الكتاب، من المؤمنين واليهود والنصارى والصابئين، ومن المجوس، ومن المشركين أن الله سيجمعهم جميعهم ليوم القيامة، ويفصل بينهم بحكمه العدل، ويجازيهم بأعمالهم التي حفظها وكتبها وشهدها، ولهذا قال:{إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} ثم فصل هذا الفصل بينهم بقوله: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} كل يدعي أنه المحق.
{فَالَّذِينَ كَفَرُوا} يشمل كل كافر، من اليهود، والنصارى، والمجوس، والصابئين، والمشركين.
{قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ} أي: يجعل لهم ثياب من قطران، وتشعل فيها النار، ليعمهم العذاب من جميع جوانبهم.
{يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ} الماء الحار جدا، يصهر ما في بطونهم من اللحم والشحم والأمعاء، من شدة حره، وعظيم أمره، {وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ} بيد الملائكة الغلاظ الشداد، تضربهم فيها وتقمعهم، {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا} فلا يفتر عنهم العذاب، ولا هم ينظرون، ويقال لهم توبيخا:{ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} أي: المحرق للقلوب والأبدان، {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ} ومعلوم أن هذا الوصف لا يصدق على غير المسلمين، الذين آمنوا بجميع الكتب، وجميع الرسل، {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} أي: يسورون في أيديهم، رجالهم ونساؤهم أساور الذهب.
{وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} فتم نعيمهم بذكر أنواع المأكولات اللذيذات المشتمل عليها، لفظ الجنات، وذكر الأنهار السارحات، أنهار الماء واللبن والعسل والخمر، وأنواع اللباس، والحلي الفاخر.