يقول تعالى:{يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا} بي وصدقوا رسولي {إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} فإذا تعذرت عليكم عبادة ربكم في أرض، فارتحلوا منها إلى أرض أخرى، حيث كانت العبادة لله وحده، فأماكن العبادة ومواضعها، واسعة، والمعبود واحد، والموت لا بد أن ينزل بكم ثم ترجعون إلى ربكم، فيجازي من أحسن عبادته وجمع بين الإيمان والعمل الصالح بإنزاله الغرف العالية، والمنازل الأنيقة الجامعة لما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، وأنتم فيها خالدون.
⦗٦٣٥⦘
فـ {نعم} تلك المنازل، في جنات النعيم {أَجْرُ الْعَامِلِينَ} لله.
{الَّذِينَ صَبَرُوا} على عبادة الله {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} في ذلك. فصبرهم على عبادة الله، يقتضي بذل الجهد والطاقة في ذلك، والمحاربة العظيمة للشيطان، الذي يدعوهم إلى الإخلال بشيء من ذلك، وتوكلهم، يقتضي شدة اعتمادهم على الله، وحسن ظنهم به، أن يحقق ما عزموا عليه من الأعمال ويكملها، ونص على التوكل، وإن كان داخلا في الصبر، لأنه يحتاج إليه في كل فعل وترك مأمور به، ولا يتم إلا به.