وهذا أيضا من نعمته عليهم بعد معصيتهم إياه، فأمرهم بدخول قرية تكون لهم عزا ووطنا ومسكنا، ويحصل لهم فيها الرزق الرغد، وأن يكون دخولهم على وجه خاضعين لله فيه بالفعل، وهو دخول الباب {سجدا} أي: خاضعين ذليلين، وبالقول وهو أن يقولوا:{حِطَّةٌ} أي أن يحط عنهم خطاياهم بسؤالهم إياه مغفرته.
{فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا} منهم، ولم يقل فبدلوا لأنهم لم يكونوا كلهم بدلوا {قَوْلا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} فقالوا بدل حطة: حبة في حنطة، استهانة بأمر الله، واستهزاء وإذا بدلوا القول مع خفته فتبديلهم للفعل من باب أولى وأحرى، ولهذا دخلوا يزحفون على أدبارهم، ولما كان هذا الطغيان أكبر سبب لوقوع عقوبة الله بهم، قال:{فَأَنزلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} منهم {رِجْزًا} أي: عذابا {مِنَ السَّمَاءِ} بسبب فسقهم وبغيهم.