يقول الله تعالى، لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم:{فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلاءِ} المشركون، أي: لا تشك في حالهم، وأن ما هم عليه باطل، فليس لهم عليه دليل شرعي ولا عقلي، وإنما دليلهم وشبهتهم، أنهم {مَا يَعْبُدُونَ إِلا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ} .
ومن المعلوم أن هذا، ليس بشبهة، فضلا عن أن يكون دليلا لأن أقوال ما عدا الأنبياء، يحتج لها لا يحتج بها، خصوصا أمثال هؤلاء الضالين، الذين كثر خطأهم وفساد أقوالهم، في أصول الدين، فإن أقوالهم، وإن اتفقوا عليها، فإنها خطأ وضلال.
{وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ} أي: لا بد أن ينالهم نصيبهم من الدنيا، مما كتب لهم، وإن كثر ذلك النصيب، أو راق في عينك، فإنه لا يدل على صلاح حالهم، فإن الله يعطي الدنيا من يحب، ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان والدين الصحيح، إلا من يحب. والحاصل أنه لا يغتر باتفاق الضالين، على قول الضالين من آبائهم الأقدمين، ولا على ما خولهم الله، وآتاهم من الدنيا.