{وَكَذَلِكَ} حين أوحينا إلى الرسل قبلك {أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} وهو هذا القرآن الكريم، سماه روحا، لأن الروح يحيا به الجسد، والقرآن تحيا به القلوب والأرواح، وتحيا به مصالح الدنيا والدين، لما فيه من الخير الكثير والعلم الغزير.
وهو محض منة الله على رسوله وعباده المؤمنين، من غير سبب منهم، ولهذا قال:{مَا كُنْتَ تَدْرِي} أي: قبل نزوله عليك {مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ} أي: ليس عندك علم بأخبار الكتب السابقة، ولا إيمان وعمل بالشرائع الإلهية، بل كنت أميا لا تخط ولا تقرأ، فجاءك هذا الكتاب الذي {جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} يستضيئون به في ظلمات الكفر والبدع، والأهواء المردية، ويعرفون به الحقائق، ويهتدون به إلى الصراط المستقيم.
أي: الصراط الذي نصبه الله لعباده، وأخبرهم أنه موصل إليه وإلى دار كرامته، {أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ} أي: ترجع جميع أمور الخير والشر، فيجازي كُلا بحسب عمله، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
تم تفسير سورة الشورى، والحمد لله أولا وآخرا، وظاهرا وباطنا، على تيسيره وتسهيله.