{فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا} أي: فلا تمتنعوا من الرجوع، ولا تغضبوا منه، فإن صاحب المنزل، لم يمنعكم حقا واجبا لكم، وإنما هو متبرع، فإن شاء أذن أو منع، فأنتم لا يأخذ أحدكم الكبر والاشمئزاز من هذه الحال، {هُوَ أَزْكَى لَكُمْ} أي: أشد لتطهيركم من السيئات، وتنميتكم بالحسنات. {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} فيجازي كل عامل بعمله، من كثرة وقلة، وحسن وعدمه، هذا الحكم في البيوت المسكونة، سواء كان فيها متاع للإنسان أم لا وفي البيوت غير المسكونة، التي لا متاع فيها للإنسان، وأما البيوت التي ليس فيها أهلها، وفيها متاع الإنسان المحتاج للدخول إليه، وليس فيها أحد يتمكن من استئذانه، وذلك كبيوت الكراء وغيرها، فقد ذكرها بقوله:
{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} أي: حرج وإثم، دل على أن الدخول من غير استئذان في البيوت السابقة، أنه محرم، ⦗٥٦٦⦘ وفيه حرج {أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ} وهذا من احترازات القرآن العجيبة، فإن قوله:{لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} لفظ عام في كل بيت ليس ملكا للإنسان، أخرج منه تعالى البيوت التي ليست ملكه، وفيها متاعه، وليس فيها ساكن، فأسقط الحرج في الدخول إليها، {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ} أحوالكم الظاهرة والخفية، وعلم مصالحكم، فلذلك شرع لكم ما تحتاجون إليه وتضطرون، من الأحكام الشرعية.