إلى آخر القصة (١) أي: {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا} من الملائكة الكرام، رسولنا {إِبْرَاهِيمَ} الخليل {بِالْبُشْرَى} أي: بالبشارة بالولد، حين أرسلهم الله لإهلاك قوم لوط، وأمرهم أن يمروا على إبراهيم، فيبشروه بإسحاق، فلما دخلوا عليه {قَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ} أي: سلموا عليه، ورد عليهم السلام.
ففي هذا مشروعية السلام، وأنه لم يزل من ملة إبراهيم عليه السلام، وأن السلام قبل الكلام، وأنه ينبغي أن يكون الرد، أبلغ من الابتداء، لأن سلامهم بالجملة الفعلية، الدالة على التجدد، ورده بالجملة الاسمية، الدالة على الثبوت والاستمرار، وبينهما فرق كبير كما هو معلوم في علم العربية.
{فَمَا لَبِثَ} إبراهيم لما دخلوا عليه {أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} أي: بادر لبيته، فاستحضر لأضيافه عجلا مشويا على الرضف سمينا، فقربه إليهم فقال: ألا تأكلون؟.
{فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ} أي: إلى تلك الضيافة {نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} وظن أنهم أتوه بشر ومكروه، وذلك قبل أن يعرف أمرهم.
⦗٣٨٦⦘
فـ {قَالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ} أي: إنا رسل الله، أرسلنا الله إلى إهلاك قوم لوط.
وامرأة إبراهيم {قَائِمَةٌ} تخدم أضيافه {فَضَحِكَتْ} حين سمعت بحالهم، وما أرسلوا به، تعجبا.
{فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} فتعجبت من ذلك.
(١) في ب: أكمل الآيات إلى قوله تعالى: " وما هي من الظالمين ببعيد ".