يقول تعالى معاتبا للإنسان المقصر في حق ربه، المتجرئ على مساخطه (١) : {يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} أتهاونا منك في حقوقه؟ أم احتقارا منك لعذابه؟ أم عدم إيمان منك بجزائه؟
أليس هو {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ} في أحسن تقويم؟ {فَعَدَلَكَ} وركبك تركيبا قويما معتدلا في أحسن الأشكال، وأجمل الهيئات، فهل يليق بك أن تكفر نعمة المنعم، أو تجحد إحسان المحسن؟
إن هذا إلا من جهلك وظلمك وعنادك وغشمك، فاحمد الله أن لم يجعل صورتك صورة كلب أو حمار، أو نحوهما من الحيوانات؛ فلهذا قال تعالى:{فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ}
[وقوله:]{كَلا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ} أي: مع هذا الوعظ والتذكير، لا تزالون مستمرين على التكذيب بالجزاء.
وأنتم لا بد أن تحاسبوا على ما عملتم، وقد أقام الله عليكم ملائكة كراما يكتبون أقوالكم وأفعالكم ويعلمون أفعالكم، ودخل في هذا أفعال القلوب، وأفعال الجوارح، فاللائق بكم أن تكرموهم وتجلوهم وتحترموهم.