أقسم الله تعالى وهو أصدق القائلين - بربوبيته، ليحشرن هؤلاء المنكرين للبعث، هم وشياطينهم فيجمعهم لميقات يوم معلوم، {ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا} أي: جاثين على ركبهم من شدة الأهوال، وكثرة الزلزال، وفظاعة الأحوال، منتظرين لحكم الكبير المتعال، ولهذا ذكر حكمه فيهم فقال:{ثُمَّ لَنَنزعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا} أي: ثم لننزعن من كل طائفة وفرقة من الظالمين المشتركين في الظلم والكفر والعتو أشدهم عتوا، وأعظمهم ظلما، وأكبرهم كفرا، فيقدمهم إلى العذاب، ثم هكذا يقدم إلى العذاب، الأغلظ إثما، فالأغلظ وهم في تلك الحال متلاعنون، يلعن بعضهم بعضا، ويقول أخراهم لأولاهم:{رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ * وَقَالَتْ أُولاهُمْ لأخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ} وكل هذا تابع لعدله وحكمته وعلمه الواسع ولهذا قال {ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا} أي علمنا محيط بمن هو أولى صليا بالنار قد علمناهم وعلمنا أعمالهم واستحقاقها وقسطها من العذاب