يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم؛ المقترحين (١) عليه الآيات، أو القائلين له: إنما تدعونا لنتخذك إلها مع الله. {وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ} أي: مفاتيح رزقه ورحمته. {وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} وإنما ذلك كله عند الله فهو الذي ما يفتح للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده، وهو وحده عالم الغيب والشهادة. فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول.
{وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ} فأكون نافذ التصرف قويا، فلست أدعي فوق منزلتي، التي أنزلني الله بها. {إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ} أي: هذا غايتي ومنتهى أمري وأعلاه، إن أتبع إلا ما يوحى إلي، فأعمل به في نفسي، وأدعو الخلق كلهم إلى ذلك.
فإذا عرفت منزلتي، فلأي شيء يبحث الباحث معي، أو يطلب مني أمرا لست أدعيه، وهل يلزم الإنسان، بغير ما هو بصدده؟.
ولأي شيء إذا دعوتكم، بما أوحي إلي أن تلزموني أني أدعي لنفسي غير مرتبتي. وهل هذا إلا ظلم منكم، وعناد، وتمرد؟ قل لهم في بيان الفرق، بين من قبل دعوتي، وانقاد لما أوحي إلي، وبين من لم يكن كذلك {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ} فتنزلون الأشياء منازلها، وتختارون ما هو أولى بالاختيار والإيثار؟
(١) زاد هنا في طبعة السلفية قبل كلمة المقترحين: (أن يخاطب) المقترحين.