يخبر تعالى عن كمال عدله، في إهلاك المكذبين، وأنه ما أوقع بقرية، هلاكا وعذابا، إلا بعد أن يعذر بهم، ويبعث فيهم النذر بالآيات البينات، ويدعونهم إلى الهدى، وينهونهم عن الردى، ويذكرونهم بآيات الله، وينبهونهم على أيامه في نعمه ونقمه.
{ذِكْرَى} لهم وإقامة حجة عليهم. {وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ} فنهلك القرى، قبل أن ننذرهم، ونأخذهم وهم غافلون عن النذر، كما قال تعالى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا}{رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} .
ولما بيَّن تعالى كمال القرآن وجلالته، نزهه عن كل صفة نقص، وحماه - وقت نزوله، وبعد نزوله - من شياطين الجن والإنس فقال:{وَمَا تَنزلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ} أي: لا يليق بحالهم ولا يناسبهم {وَمَا يَسْتَطِيعُونَ} ذلك.
{إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} قد أبعدوا عنه، وأعدت لهم الرجوم لحفظه، ونزل به جبريل، أقوى الملائكة، الذي لا يقدر شيطان أن يقربه، أو يحوم حول ساحته، وهذا كقوله:{إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} .