أصول وكليات من أصول التفسير وكلياته لا يستغني عنها المفسر للقرآن (١)
النكرة في سياق النفي، أو سياق النهي، أو الاستفهام، أو سياق الشرط، تعم، وكذلك المفرد المضاف يعم، وأمثلة ذلك كثيرة.
فمتى وجدت نكرة واقعة بعد المذكورات، أو وجدت مفردا مضافا إلى معرفة، فأثبت جميع ما دخل في ذلك اللفظ، ولا تعتبر سبب النزول وحده، فإن "العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب".
وينبغي أن تنزل جميع الحوادث والأفعال الواقعة، والتي لا تزال تحدث، على العمومات القرآنية، فبذلك تعرف أن القرآن تبيان لكل شيء، وأنه لا يحدث حادث، ولا يستجد أمر من الأمور، إلا وفي القرآن بيانه وتوضيحه.
ومن أصوله أن الألف واللام الداخلة على الأوصاف، وعلى أسماء الأجناس، تفيد استغراق جميع ما دخلت عليه من المعاني.
ومن كليات القرآن، أنه يدعوا إلى توحيد الله ومعرفته، بذكر أسماء الله، وأوصافه، وأفعاله الدالة على تفرده بالوحدانية، وأوصاف الكمال، وإلى أنه الحق، وعبادته هي الحق، وأن ما يدعون من دونه هو الباطل، ويبين نقص كل ما عبد من دون الله من جميع الوجوه.
ويدعو إلى صحة ما جاء به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وصدقه، ببيان إحكامه، وتمامه، وصدق إخباراته كلها، وحسن أحكامه. ويبين ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، من الكمال البشري الذي لا يلحقه فيه أحد من الأولين والآخرين، ويتحداهم بأن يأتوا بمثل ما جاء به إن كانوا صادقين.
ويقرر ذلك بشهادته تعالى بقوله وفعله وإقراره إياه، وتصديقه له بالحجة والبرهان، وبالنصر والظهور، وبشهادة أهل العلم المنصفين. ويقابل بين ما جاء به من الحق في أخباره وأحكامه، وبين ما كان عليه أعداؤه، والمكذبون به، من الكذب في أخبارهم، والباطل في أحكامهم، كما يقرر ذلك بالمعجزات المتنوعة.
ويقرر الله المعاد بذكر كمال قدرته، وخلقه للسموات والأرض، اللتين هما أكبر من خلق الناس، وبأن الذي بدأ الخلق قادر على إعادته من باب أولى، وبأن الذي أحيا الأرض بعد موتها قادر على إحياء الموتى. ويذكر أيضا أيامه في الأمم، ووقوع المثلات التي شاهدها الناس في الدنيا، وأنها نموذج من جزاء الآخرة.
ويدعو جميع المبطلين من الكفار والمشركين والملحدين بذكر محاسن الدين، وأنه يهدي للتي هي أقوم، في عقائده وأخلاقه وأعماله، وبيان ما لله من العظمة والربوبية، والنعم العظيمة. وأن من تفرد بالكمال المطلق، والنعم كلها، هو الذي لا تصلح العبادة إلا له، وأن ما عليه المبطلون، إذا ميز وحقق وجد شرا وباطلا وعواقبه وخيمة.
ومن أصول التفسير، إذا فهمت ما دلت عليه الآيات الكريمة من المعاني مطابقة وتضمنا، فاعلم أن لوازم هذه المعاني، وما لا تتم إلا به، وشروطها وتوابعها، تابعة لذلك المعنى، فما لا يتم الخبر إلا به،
(١) هذه الخاتمة جعلها الشيخ -رحمه الله - في آخر الجزء الخامس لما طبع في حياته، وقد جعلتها في خاتمة التفسير.