يقول الإمام ابن تيمية:"والمقصود هنا التنبيه على أنه لو قدر أن النفس تكمل بمجرد العلم كما زعموه؛ مع أنه قول باطل، فإن النفس لها قوتان؛ قوة علمية نظرية، وقوة إرادية عملية، فلا بد لها من كمال القوتين؛ بمعرفة الله وعبادته، وعبادته تجمع محبته، والذل له، فلا تكمل نفس قط إلا بعبادة الله وحده لا شريك له.
والعبادة تجمع معرفته ومحبته والعبودية له، بهذا بعث الله الرسل، وأنزل الكتب الإلهية كلها تدعوا إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وهؤلاء يجعلون العبادات التي أمرت بها الرسل مقصودها إصلاح أخلاق النفس؛ لتستعد للعلم الذي زعموا أنه كمال النفس، أو مقصودها إصلاح المنزل والمدينة، وهو الحكمة العملية، فيجعلون العبادات وسائل محضة إلى ما يدعونه من العلم؛ ولذلك يرون هذا ساقطًا عمن حصل المقصود كما تفعل الملاحدة الإسماعيلية، ومن دخل في الإلحاد أو بعضه، وانتسب إلى الصوفية، أو المتكلمين، أو الشيعة، أو غيرهم" (١).
ولا ينكر كون العلم والمعرفة أصل للعبادة، وبدون العلم النظري المستقر في القلب لا تنفع العبادات العملية، وعليه يكون كل من العلم والعبادة غاية مقصودة لله تبارك وتعالى وذلك لتلازمهما أبدًا.
يقول الإمام ابن تيمية: "وليست عبادته مجرد الأعمال البدنية، بل أصل العبادة: معرفته، وكمال محبته، وكمال تعظيمه، وهذه الأمور تصحبه في الدار الآخرة.
فكل من النظر والعمل مأمور به مقصود للشارع، وكل منهما معين للآخر وشرط في حصول المقصود بالآخر، فإن الناظر مع سوء قصده وهواه لا يحصل له المطلوب لا من العلم ولا من العمل.
والعابد مع فساد نظره لا يحصل له المقصود لا من العلم ولا من