ثم ولي بعده ابنه محمد بن عبد الرحمن يكنى أبا عبد الله، أمه أم ولد اسمها [تهنر] فاتصلت ولايته إلى أن مات في آخر صفر سنة ثلاث وسبعين ومائتين، وكان محباً للعلوم مؤثراً لأهل الحديث، عارفاً، حسن السيرة.
ولما دخل الأندلس أبو عبد الرحمن بقي بن مخلد بكتاب [مصنف] أبي بكر بن أبي شيبة، وقرئ عليه، أنكر جماعة من أهل الرأي ما فيه من الخلاف واستشنعوه، وبسطوا العامة عليه، ومنعوه من قراءته، إلى أن اتصل ذلك بالأمير محمد فاستحضره وإياهم، واستحضر الكتاب كله، وجعل يتصفحه جزءاً جزءاً، إلى أن أتى على آخره، وقد ظنوا أنه يوافقهم في الإنكار عليه، ثم قال لخازن الكتب: هذا كتاب لا يستغنى خزانتنا عنه، فانظر في نسخة لنا، ثم قال لبقي بن مخلد: الشر علمك، وارو ما عندك من الحديث، واجلس للناس، حتى ينتفعوا بك، أو كما قال، ونهاهم أن يتعرضوا له.