أبي عمر أحمد بن الحباب قال: خرجت مع يحيى بن مالك بن عايذ المحدث من صلاة العتمة ليلاً من المسجد فشيعته إلى داره قال: فقعد معي في دهليزه، وقال: أنشدني بن المنجم ببغداد لعمه:
تغنم بعض ما فاتك ... ولا تأس لما فاتك
ولا تركن إلى الدنيا ... أما تذكر أمواتك
قال: فدعوت له بطول البقاء والنسأ في الأجل وسلمت عليه وودعته وانصرفت فما بلغت طرف الشارع حتى سمعت الصراخ عليه، وقد توفى في شعبان سنة ست وسبعين وثلاثمائة.
[١٤٩٤- يحيى بن مجبر أبو بكر]
أديب شاعر متقدم في طريقة الشعر برع فيها وفاق أهل زمانه، توفى ليلة عيد الأضحى بمراكش في سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، أنشدت من شعره يرثى القائد أبا عثمان بن عيسى:
قيل لي أودى سعيد بن عيسى ... يرحم الله ابن عيسى سعيدا
أكلته الحرب شيخاً كبيراً ... وقائماً أرضعته وليدا
ولما صلب الجزيري ومن أخذ من أصحابه بحضرة إشبيلية وعاينهم قد رفعوا في خشبهم أنشد:
ركب إلى نار الجحيم مسيرهم ... وركابهم لا تستطيع مسيرا
الحي منهم لا يرى مستوطنا ... والميت منهم لا يرى مقبورا
ما يزيد الأرض طيباً أنها ... لفظت غداتك أبطناً وظهورا