ولما انهزم البربر عن أهل قرطبة مع القاسم كما ذكرنا، اتفق رأي أهل قرطبة على رد الأمر إلى بني أمية، فاختاروا منهم ثلاثة، وهم: عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر، أخو المهدي المذكور آنفاً، وسليمان بن المرتضى المذكور آنفاً، ومحمد بن عبد الرحمن بن هشام القائم على المهدي بن سليمان بن الناصر، ثم استقر الأمر لعبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار فبويع بالخلافة لثلاث عشرة ليلة خلت لرمضان سنة أربع عشرة وأربعمائة، وله اثنتان وعشرون سنة وتلقب بالمستظهر، وكان مولده سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة في ذي القعدة، يكنى أبا المطرف، وأمه أم ولد اسمها [غاية] ، ثم قام عليه أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد الرحمن الناصر، مع طائفة من أراذل العوام: فقتل عبد الرحمن بن هشام وذلك لثلاث بقين من ذي القعدة سنة أربع عشرة، المؤرخ ولا عقب له، وكان من غاية الأدب، والبلاغة، والفهم ورقة النفس.
كذا قال أبو محمد علي بن أحمد وكان خبيراً به، وقال الوزير أبو عامر أحمد بن عبد الملك بن شهيد: كان المستظهر رحمه الله شاعراً مطبوعاً، ويستعمل الصناعة فيحيد وهو القائل في ابنة عمه:
حمامة بيت العبشميين رفرفت ... فطرت إليها من سراتهم صفرا
تقل الثرايا أن تكون لها يدا ... ويرجو الصباح أن يكون لها نحرا