أضعناك؟ فقال: لا بل حفظت ورعيت جزاك الله خيراً عن حرمة الجوار ورعاية الحق، وتاب الرجل ولم يعد إلى ما كان.
وكان الحكم المستنصر مواصلاً لغزو الروم، ومن خالفه من المحاربين فاتصلت ولايته إلى أن مات في صفر سنة ست وستين وثلاثمائة، وقد انقرض عقبه] .
[ولاية هشام المؤيد]
ثم ولي بعده ابنه هشام، يكنى أبا الوليد، وأمه أم ولد تسمى [صبح] وكان له إذ ولي عشرة أعوام وأشهر، فلم يزل متغلباً عليه، لا يظهر، ولا ينفذ له أمر، وتغلب عليه أبو عامر محمد بن أبي عامر الملقب بالمنصور فكان يتولى جميع الأمور إلى أن مات، فصار مكانه ابنه عبد الملك بن محمد الملقب بالمظفر، فجرى على ذلك أيضاً إلى أن مات، فصار مكانه أخوه عبد الرحمن بن محمد الملقب بالناصر، فخلط وتسمى ولي العهد، وبقي كذلك أربعة أشهر إلى أن قام عليه محمد بن هشام بن عبد الجبار يوم الثلاثة لثمان عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، فخلع هشام بن الحكم، وأسلمت الجيوش عبد الرحمن بن محمد بن أبي عامر فقتل وصلب، وبقي كذلك إلى أن قتل محمد بن هشام بن عبد الجبار وصرف هشام المؤيد إلى الأمر، وذلك يوم الأحد السابع من ذي الحجة سنة أربعمائة، فبقي كذلك وجيوش البربر تحاصره مع سليمان بن الحكم بن سليمان واتصل ذلك إلى خمس خلون من شوال سنة ثلاث وأربعمائة، فدخل البربر مع سليمان قرطبة وأخلوها من أهلها، حاشا المدينة وبعض الربض الشرقي، وقتل هشام وكان في طول مدته متغلباً عليه لا ينفذ له أمر وتغلب عليه في هذا الحصار غير واحد من العبيد ولم يولد له قط.