أن يدخل، وكان واقفاً على باب المسجد إشفاقاً عليه، فدخل وقال له: يا بني مالك، أتعبت نفسك بهذه الحمولة؟ فقال: يا سيدي أعجبني ما سمعت وأنا أريد أن أقرأ عليك ولا بد، فقال له: إن كنت عازماً فاشتر لوحاً ودواة، وتكتب، وتتعلم المواقف [ومواضع] الهمزات والنطق بالحروف وتقرأ، فلم يكن له بد بسبب محبته في القراءة عليه مما قال له فاشتري ذلك، وكل من في داره يسخف رأيه، ويقول: بعد الإجازة ترجع إلى اللوح، قال: فمشيت إليه بعد أن فعلت ما أمرني به وقرأت عليه، فبلغ ذلك أستاذي فغضب وهم أن يوقع به وكان الأمير بحكمه فبلغه ذلك وقيل له: ما هذا الذي فعلت؟ تعمد إلى من قد أجازه الفقيه وترده إلى اللوح؟ وهل هذا الفعل إلا به تدارك نفسك! قال: فمشى إلى محمد بن شريح وقال له: أريد أن أقرأ عليك وأن تعين لي وقتاً، فقال: نعم إذا سمعت أول الأذان فأتني. قال: فقرأ عليه أول يوم حزبا، فاجتمع الناس وكثروا ثم يوماً آخر، فلما كان في الثالث قرأ عليه حزب:{سيقول السفهاء} فلما بلغ إلى قوله: {فلا تخشوهم واخشوني} وقف بحذف النون فاستأسر الشيخ، وقال: هي مثبتة سواء في الوقف والابتداء لا خلاف في ذلك بين أهل الأداء، فمن الناس من يقول: إنه إنما فعل ذلك تعمداً وتصنعاً لثبت له الأستاذية، ومنهم من يقول: إنه لم يتعمد ذلك [ ... ] عليه إلى أن أجازه، وفي اليوم الذين كتب إجازته كتب هو إجازة أبي العباس.
توفى أحمد بن خلف سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة.
[٣٩٩- أحمد بن دحيم بن خليل أبو عمر]
سمع إبراهيم بن حماد بن إسحاق ابن أخي إسماعيل بن إسحاق القاضي وأبا عبد الله الزبيري، روى عنه أب عثمان سعد بن نصر وأبو عثمان سعيد بن عثمان النحوي. أخبرني القاضي أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد عن أبي الحسن بن موهب عن أبي عمر بن عبد البر قال: أخبرنا سعيد بن نصر وسعيد بن