سمع بالأندلس محمد بن عبد الله بن أبي زمنين الفقية الألبيري وغيره، ورحل إلى المشرق قبل الأربعمائة، فسمع أبا العباس أحمد بن محمد بن بدر القاضي وأبا محمد عبد الرحمن بن عمر بن محمد المالكي، وعبد الوهاب بن منير بن الحسن الخشاب المصري وأحمد بن فراس المكي وغيرهم، وطلب علم القراءات، فرأس فيه، وقرأ وسمع الكثير، وعاد إلى الأندلس فتصدر بالقراءات وألف فيها، وفي طبقات رجالها تواليف مشهورة كثيرة.
رأيت بعض أشياخي قد مع ذكر تواليفه في جزء نحو مائة تأليف، وكان محافظاً متقدماً مشهوراً شهرة تغتني عن الإطناب في ذكره، توفى في شوال سنة أربع وأربعمائة، روى عن جماعات يطول ذكرهم ومما نذكر من شعره قوله:
قد قلت إذا ذكروا حال الزمان وما ... يجري على كل من يعزي إلى الأدب
لا شيء أبلغ من ذل يجرعه ... أهل الحساسة أهل الدين والحسب
القائمين بما جاء الرسول به ... والمبغضين لأهل الزيغ والريب
أخبرني أبو الحسن نجبة بن يحيى قال: أخبرني من أثقة، أن أبا عمرو المقرئ أقرأ بالمرية مدة، وكانت ريحانة تقرأ عليه القرآن بها، كانت تقعد خلف ستر فتقرأ ويشير لها بقضيب بيده إلى المواقف، فأكملت السبع عليه وطالبته بالإجازة فامتنع، وقرأت عليه خارج السبع روايات.
فقرأ عليه ذات يوم {وقالوا لا تنفروا في الحر} فقال لها: اكسري الحاء، فقالت:"وقالوا لا تنفروا في الحوار" فقال: أنا لا أجيز مثل هذه والله لا برحت أو أكتب لها فكتب إجازتها في ذلك الموضع.