أضاء لها فجر النهى فنهاها ... عن المدنف المضني بحر هواها
[وضللها صبح جلا ليلة الدجى ... وقد كان يهديها إلى دجاها]
وهي طويلة مستحسنة فساء الظن بجودة ما أتى به من الشعر، واتهم فيه وكان للشعراء في أيام المنصور أبي عامر ديوان يرزقون منه على مراتبهم ولا يخلون بالخدمة بالشعر في مظانها، فسعى به إلى المنصور وأنه منتحل سارق لا يستحق أن يثبت في ديوان العطاء فاستحضره المنصور عشي يوم الخميس لثلاث خلون من شوال سنة اثنتين وثمانية وثلاثمائة واختبره واقترح عليه فبرز وسبق وزالت التهمة عنه فوصله بمائة دينار، وأجرى عليه الرزق وأثبته في جملة الشعراء.
ثم لم يزل يشهر ويجود شعره فيما بعد وفى ذلك المجلس بين يدي المنصور أبي عامر قال القصيدة المشهورة التي أولها:
حسبي رضاك من الدهر الذي عتبا ... وعطف نعماك للحظ الذي انقلبا
وهي طويلة حسنة كرر فيها المعنى الذي استحضر من أجله وتكذيب الدعوى التي قرب بها، ومنها:
ولست أول من أعيت بدايته ... فاستدعيت القول ممن ظن أو حسبا
إن امرأ القيس في بعض لمتهم ... وفي يديه لواء الشعر إن ركبا
والشعر قد أسر الأعشى وقيده ... دهراً وقد قيل والأعشى إذا سرنا
وكيف أظما وبحري زاخر وظما ... إلى خيال من الضحضاح قد نضبا
فإن نأي الشك عني أو فها أنذا ... مهيأ لجلي الخبر مرتقبا